أصبح عمري سبعة عشر عاما … أي انني اقتربت أكثر إلى السن الذين يقولون انه السن الذي سأستقل فيه ويصبح القرار … لي وحدي… قراري لا قرار “ولي الأمر” أو “المجتمع والتقاليد”
أو حتى “طائفتي وديني” … سأصبح إنسان عاقلا بالغا مكتمل الشكل والمظهر ومبني الشخصية …
وماذا أقعل مع مثليتي ؟؟ أين سأخفيها؟ في مجتمعي الذي سيبدأ يسائلني عن كل شيء … سيسألني عن شخصيتي الناعمة … وصوتي وطريقة كلامي الرقيقة…
وسيسألني عن سبب انعزالي ووحدتي وغموضي … والى ذلك … ثم سأسأل عن سبب عدم ارتباطي وزواجي… وربما يتدخلون أكثر ليسألوني عن سبب عدم انجذابي إلى “الفتيات”
وأيضا لماذا أحلق شعر وجهي وجسدي ؟! … لماذا ولماذا ولماذا … دون أن أستطيع قول شيئا لأحد رغم أن الجواب هو كلمة واحدة: … لأنني مثلي الجنس … أو كما يفهمها الشعبيون
وعامة المجتمع … شاذ … لوطي …
جروحنا لن تتوقف ولن تتوقف معاناتنا الحقيقية وتعبنا … لن نجد من يقف معنا وقوفا حقيقيا كاملا أو يفهمنا أو حتى على الأقل يتركنا بحرياتنا
الشخصية دون التدخل في كل تفصيل في حياتنا ومظهرنا وشخصيتنا …
لكن هناك نحن … نحن اذا كنا مع بعضنا سندعم بعضنا ونوالي بعضنا ونصل الى افضل حالة لكل فرد مثلي منا … لكن ما الذي سيجمعنا؟
أنظر وأفكر كثيرا بتلك الفكرة الخطيرة … اتذكر وعد بلفور … والتجربة اليهودية … (اليهود شعب بعادات مختلفة وأطباع صلبة “مؤذية للغير أحيانا” لذلك اضطهدوا
في كل المجتمعات حول العالم منذ القدم حتى المحرقة اليهودية بيد النازيين وحتى اليوم …)
صحيح أن قضية المثليين تختلف تماما عن القضية اليهودية وبالتالي تختلف طريقة التعاطي معها وطريقة الحلول … لكن فكرة إنشاء دولة مثلية جنسيا قد تكون “الفكرة الحلم”
لكثير منا … فلنتصور أن تقوم دولة ونظام على أرض معينة (أراضي من أحد الولايات الأميريكية مثلا) أو (منطقة افريقية أو آسيوية نائية) ويبدأ المثليين من مختلف أنحاء العالم
التوافد عليها للحصول على الجنسية والمواطنة المثلية (قد تعطى هذه الجنسية لازدواجي الميول وأيضا للمغايرين ممن يناصرون المثليين ويتعاطفون معهم …)
قد يرى الكثيرون أن فكرة كهذه مستحيلة أو خرافية … لذلك تتجه الأمور إلى خيارات أخرى … شخصيا أرى أن التعايش الطبيعي بين المثليين والمغايرين وباقي الفئات مستحيل
تماما ولن يستطيع المثلي إثبات وجوده وحريته الكاملة ولا حتى في أرقى المجتمعات بين المغايرين مهما كانوا تقبليين …
الفكرة الأخرى هي مستوطنات وتجمعات للمثليين جنسيا في مختلف انحاء ودول العالم … فلتكن هناك مدن بأكملها ذات هوية مثلية يكون سكانها ومن يعملون فيها مثليون وجميع مرافقها
الخدمية ذات توجهات جنسية مثلية … مدن يستطيع سكانها مع التقدم في الزمن تأسيس قومية ترابطية وعادات وتقاليد خاصة وحتى لغة معينة … لتكون هذه التجمعات السكانية مراكز
ثقل للمثليين عبر الأجيال …
الواقع
يقال أن أغلب المجتمعات الأوروبية الغربية تتقبل المثليين بشكل تام خصوصا فرنسا واسبانيا والمانيا والدنمارك وكندا وهولندا … وهذه الأخيرة من الأفضل في حقوق LGBT وتشرع
حكومتها الزواج المثلي وتبني الأطفال وجميع الحقوق المدنية، هذا على المستوى الحكومي أما على المستوى الشعبي فتشير إحصائيات أن 90% من الهولنديين مناصرون للمثلية ويتقبلون
الأزواج من مثليي الجنس …
اما في بريطانيا فالوضع جيد جدا أيضا لكن ليس بمستوى الحكومات الأخرى فلم يشرع الزواج وكافة الحقوق … كما أن نسبة المتقبلين للمثليين جنسيا بين الشعب تنخفض إلى 70% وأدنى
من ذلك …
اما في اميركا “بلد الحريات” و"صناعة الدعارة" فلا تشريعات معممة في كل الولايات كما أن نسبة تقبل المثليين تنخفض الى 50% وما دون ذلك … وهناك مجتمعات اميركية
تحقق “الحلم المثلي” كبعض مناطق نيويورك إضافة إلى حي كاسترو في لوس انجلوس الذي تسكنه غالبية من المثليين جنسيا! ويذكر أن الوضع مثالي في كل من كندا والمكسيك
ونسبة التقبل في البلدين بين 55-70%
وفي اميركا الجنوبية فالوضع جيد جدا وتأخذ الحكومات في اعطاء المثليين حقوقهم كالزواج وغيره … خصوصا الأرجنتين والبرازيل لكن تختلف نسب التقبل بين 45% في فنزويلا و78% في الأرجنتين
أما في روسيا والصين وتركيا واوروبا الشرقية وغيرها من البلدان “المحافظة” فلا حقوق مدنية للمثليين جنسيا كالزواج والارتباط كما أن نسبة تقبل المثليين تنخفض الى 20% وما دون ذلك
بينما تسجل الدول العربية والمجتمعات المحافظة المتشددة الأخرى أسوأ أوضاع للمثليين فالمثلية الجنسية مرفوضة شعبيا وممنوعة حكوميا حيث تطبق الحكومات عقوبات على
المثليين تيدأ من الغرامات والعقوبات الصغيرة “غالبا يتم غض النظر” :(لبنان، سورية، قبرص، سلطنة عمان …) و عقوبات كبيرة وسجن مؤبد: (مصر وشمال ووسط افرقيا وأفغانستان وباكستان وماليزيا)
وصولا الى الاعدام: (السعودية ، السودان، الصومال، موريتانيا، إيران، اليمن، شمال نيجيريا …) وعلى المستوى الشعبي فينخفض بشكل حاد معدل المتقبلين الى ما دون 10%