ما الدور الذي يلعبه التحيز والتمييز في حياة المثلي والمثلية؟
يواجه الكثير من المثليين والمثليات التحيز والتمييز بل والعنف أحياناً بسبب ميولهم الجنسية ، والتحيز والتمييز الشديدين انتشرا بصورة واسعة منذ ظهور المثلية ، وبالرغم من أنه في الدول المتحضرة بدأت تظهر الأصوات المعارضة للتمييز الجنسي والعنف الموجه ضد المثليين والمثليات إلا أنه لازال المثليين والمثليات يواجهون الكثير من التحيز و التمييز والعنف بكافة أشكالهم في مختلف البلدان التحيز والتمييز يوجد بمستويات متفاوتة وفي الواقع قد يتعرض بعض الأشخاص من ثنائي الجنس للمضايقات والتمييز من المثليين ومن المثليات كما هو الحال لتعرضهم للمضايقات من المغايرين جنسياً.
التمييز ضد التوجه الجنسي يتخذ أشكالاً عدة ، قد ينعكس في التحامل على الأشخاص المثليين والمثليات ، وفي ارتفاع معدل المضايقة والعنف الموجه نحو المثليين ، في مجتمع مثل المجتمع الأمريكي على سبيل المثال تشير الاستطلاعات أن العديد من التحرشات اللفظية والاعتداءات الجنسية والمضايقات تعتبر حالات عالمية وتتم في حالات التمييز الشديدة ضد المثليين والمثليات ، أيضاً التمييز ضد المثليين والملثيات وثنائي الجنس في العمل والسكن منتشر على نطاق واسع.
الإيدز أو وباء نقص المناعة البشرية ، هي مجال آخر للتحيز والتمييز ضد المثلية الجنسية والثنائية الجنسية من قِبَل الناس ، مما تسبب في الفترات الزمنية السابقة عندما ظهر المرض بافتراض أن الإيدز يشكل مرض خاص بالمثليين جنسياً (مرض من أمراض مثليي الجنس وحسب) وهو المفهوم الخاطئ الذي ساهم بشكل كبير في تأخير معرفة الاضطرابات الاجتماعية الضخمة التي من شأنها أن تتسبب في مرض الإيدز وبالتالي علاجها.
بينما في واقع الأمر الرجال المثليين وثنائي الجنس يصابون بالمرض بشكل غير متناسب وقد ساهم الاعتقاد الخاطئ للكثيرين أن كل المثليين والمثليات وثنائي الجنس مصابين بالايدز في مزيد من التحيز والاحتقار الموجه للمثليين والمثليات وثنائي الجنس.
ما هو الأثر النفسي الذي يسببه كل من التحامل والتمييز؟
للتحيز والتمييز الكثير من الآثار الاجتماعية والشخصية ، فعلى الصعيد الاجتماعي التمييز والتحيز ضد المثليات والمثليين وثنائي الجنس ينعكس في الصور النمطية الحياتية لأفراد هذه الجماعات، هذه الصور النمطية الحياتية تبقى قائمة حتى ولو يتم تدعيمها بأدلة على التمييز والتحيز وعادة ما تستخدم هذه الصور النمطية الحياتية كتبرير لعدم المساواة في التعامل للمثليين والمثليات وثنائي الجنس.
على سبيل المثال ، محدودية فرص العمل وعدم قبول العلاقات كصداقات وعلاقات ودية مع افراد مثليين ومثليات وثنائي الجنس يتم تبريره بأن الصور النمطية الحياتية لهؤلاء الأفراد غير مقبولة.
على المستوى الفردي ، قد يتسبب التحيز والتحامل في آثار سلبية بخاصة إن كان المثلي أو المثلية أو ثنائي الجنس يميل إلى إنكار أو تجاهل حقيقة توجههم الجنسي ، بالرغم من أن الكثير من المثليات والمثليين قد تعلموا كيف يتعايشون مع وصمة العار الاجتماعية كونهم مثليين ولكن هذا النمط من التحيز يبقى ذا تأثير سلبي جاد على الصحة والصحة النفسية.
قد يتفاقم تأثير هذا التحيز والشعور بوصمة العار كون الفرد مثلياً أو ثنائي الجنس نتيجة خصائص أخرى ، كالعرق والدين والاعاقات الجسدية أو أي ظروف شخصية اخرى قد تزيد من التأثير السلبي للتحيز.
هذا التحيز الواسع الانتشار ضد المثليات والمثليين وثنائي الجنس يتعلق بالصحة العقلية للآخرين وغالباً ما يكون التحيز الجنسي والتمييز الناتج عن التوجه الجنسي للافراد والعنف الموجه للمثليين والمثليات مصدر رئيسي من الضغط والازعاج للمثليين والمثليات وثنائي الجنس ، وعلى الرغم من أن الدعم الاجتماعي يلعب دوراً هاماً في التعايش مع الضغط والتحيز والعنف الناتج عن رهاب المثلية والتمييز ، لكن هذا الدعم يفتقده الكثيرين من المثليين والمثليات وثنائي الجنس في بلدان ومجتمعات كثيرة.
ماهي طبيعة العلاقات بين فردين من نفس الجنس؟
تشير الأبحاث أن العديد من المثليات والمثليين وثنائي الجنس يريدون ولديهم علاقات ارتباط والتزام تجاه الطرف الآخر ، التصور التقليدي عن المثليات والمثليين وثنائي الجنس مازال قائماً ، على الرغم من أن الدراسات أثبتت أن هذا التصور خاطئ ، فمثلاً التصور التقليدي يدّعي أن العلاقات بين المثليات والمثليين فاشلة وغير سعيدة برغم الأبحاث التي وجدت أن كلاً من الزوجين مثليي الجنس والزوجين المغايرين الجنس لديهم نفس النسبة من احتمالية التوافق في العلاقة ونجاح الالتزام المتبادل.
تصور تقليدي نمطي آخر عن العلاقات بين المثليات والمثليين وثنائي الجنس عن أنها غير مستقرة ، وفي واقع الأمر برغم العداء الاجتماعي تجاه العلاقات بين مثليي الجنس فإن الأبحاث أثبتت أن الكثير من المثليات والمثليين وثنائي الجنس يكونون علاقات دائمة. ويعد من المنطقي أيضاً الإشارة إلى أن الاستقرار في العلاقة بين مثليي الجنس من الممكن تعزيزه في حال أن كلا من طرفيّ العلاقة يتمتع بنفس المستوى من الدعم والتقدير لعلاقتهم كما هو الحال بالنسبة للدعم والتقدير الممنوح لأي زوجين من مغايري الجنس (الحقوق القانونية والمسئوليات المرتبطة بالزواج).
التصور التقليدي النمطي الخاطئ الثالث هو أن الأهداف والقيم لدى الأزواج المثليات ، المثليين وثنائي الجنس تختلف عنها في الأزواج مغايري الجنس. وفي الواقع الأبحاث وجدت أن العوامل التي تؤثر على الرضا في العلاقة والالتزام والاستقرار هي نفسها سواء كان طرفي العلاقة من مثليي الجنس المرتبطين في علاقة دائمة أو من مغايري الجنس المتزوجين.
تتوافر بحوث أقل عن تجربة الارتباط بين الناس المصنفين كثنائي الجنس ، لو كان هؤلاء الأفراد في علاقة مع نفس الجنس ، يكونون عرضة لمواجهة التحيز والتمييز تماماً كما لو كانوا مثليين أو مثليات، ولو كان هؤلاء الأفراد في علاقة مع شخص من الجنس الآخر عادة ما تتم معاملتهم كما لو كانوا مغايرين جنسياً إلا إن قرروا “الخروج” والكشف عن هويتهم كمثلي الجنس وفيه هذه الحالة عادة ما يواجهوا أيضاً بعض التحيز والتمييز كحال المثليين والملثيات.
هل من الممكن أن تكون المثليات والمثليين آباء جيّدين؟
العديد من المثليات والمثليين هم آباء ، وآخرين يتمنوا أن يصبحوا آباء ، نتيجة لتزايد الظهور الاجتماعي ووضوح الوضع القانوني للمثليات والمثليين بدأ البعض في التساؤل بقلق متزايد حول مدى صحة وسلامة الأطفال الموجودين في مثل هذه العائلات. أغلب هذه الأسئلة هي مبنية على أساس الفكر النمطي التقليدي السلبي عن المثليات والمثليين.
أغلب الأبحاث حول هذه المسألة تساءلت عن ما إذا كان الأطفال الذين تتم تربيتهم بواسطة أهل مثليين ومثليات هم في ظروف أصعب ويواجهون مشكلات أكثر مقارنة بالأطفال الذين تتم تربيتهم بواسطة أهل من المغايرين جنسياً.
أغلب هذه الأسئلة الشائعة وأجوبتها هي كالتالي:
-
هل أطفال المثليات والمثليين لديهم مشاكل تتعلق بهويتهم الجنسية أكثر مما لدى أطفال المغايرين جنسياً؟ فعلى سبيل المثال هل هؤلاء الأطفال تنمو لديهم مشاكل في تحديد هويتهم الجنسية و/أو فهم كينونة نوعه كونه ذكر أو أنثى؟ الإجابة على هذا السؤال من الأبحاث هي واضحة تماماً فإن الهوية الجنسية وفهم الهوية النوعية والتوجه الجنسي تنمو في أطفال المثليات بنفس الطريقة تماماً كما في أطفال مغايري الجنس ودون أدنى اختلاف ، بينما قليل من الدراسات تتوافر حالياً بالنسبة لأطفال المثليين.
-
هل الأطفال الذين تتم تربيتهم بواسطة مثليات أو مثليين لديهم مشكلات في نمو الشخصية؟ وعلى سبيل المثال هل أطفال المثليات والمثليين هم أكثر عرضة للانهيار العقلي؟ هل لديهم مشاكل سلوكية أكثر؟ هل هم أقل صحة نفسية من الأطفال الآخرين؟ ومرة أخرى الأبحاث المختصة بالشخصية ومفهوم الذات والسلوك أظهر قدر طفيف من الاختلاف لأطفال المثليات مقارنة بأطفال المغايرين جنسياً. ومرة أخرى دراسات أقل متاحة بخصوص أطفال المثليين.
-
هل أبناء المثليات والمثليين أكثر عرضة لاكتساب مشاكل في العلاقات الاجتماعية؟ على سبيل المثال هل ستتم مضايقتهم أو سوء معاملتهم بواسطة أقرانهم؟ مرة أخرى الأدلة أوضحت أن أطفال المثليات والمثليين لديهم علاقات اجتماعية طبيعية مع أقرانهم والبالغين ، الصورة التي أوضحتها الدراسات توضح أن أطفال المثليين والمثليات يتمتعوا بحياة اجتماعية نموذجية لفئتهم العمرية من حيث المشاركة والاندماج مع الأقران ، الأهل ، أفراد العائلة وتكوين الصداقات.
-
هل هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للاعتداء الجنسي من أحد الوالدين أو أصدقاء الوالدين أو المعارف؟ لا يوجد أدنى دعم علمي لمثل هذه المخاوف وليس لها أي أساس من الصحة.
وبإيجاز فإن علم الاجتماع أوضح أن المخاوف التي تزايدت بشأن أبناء المثليات والمثليين ، هي مخاوف ترتكز بشأن عام على التحيز والتمييز ضد المثليين والمثليات وتعتمد على الأفكار النمطية التقليدية البائدة عن المثليين والمثليات كأشخاص وهي في مجملها مخاوف لا أساس لها ولا وجود فعلي. وبصورة عامة فإن الأبحاث أشارت بوضوح أن أطفال المثليات والمثليين لا يختلفوا بصورة ملحوظة أو ذات أهمية عن أطفال المغايرين جنسياً سواء في النمو أو التكيف أو الصحة بشكل عام.
ماذا يستطيع أن يفعل الناس من أجل الحد من التحيز والتمييز ضد المثليات والمثليين وثنائي الجنس؟
المثليات/ المثليين وثنائي الجنس الذين يريدون المساعدة في الحد من التحيز والتمييز ضدهم عليهم أن يكونوا منفتحين بخصوص توجههم الجنسي حتى وإن كان عليهم أن يأخذوا الاحتياطات اللازمة ليكونوا بأمان بقدر المستطاع، باستطاعتهم فهم الواقع المحيط بهم واختبار كون الآخرين لديهم الأنماط التقليدية المضادة للمثلية. يمكنهم الاستفادة من تواجدهم بمجتمع من الآخرين من المثليات والمثليين وثنائي الجنس ، وأيضاً الاستفادة من الدعم المقدم من الاشخاص المغايرين جنسياً الداعمين لحرية الآخرين.
الأشخاص المغايرين جنسياً والراغبين في المساعدة في الحد من التحيز والتمييز يستطيعون البدء بأنفسهم في تقبّل الآخر ومواجهة أية أنماط تقليدية عدائية للمثلية الجنسية ، ويستطيعوا أن يعطوا أنفسهم فرصة للتعرف على المثليات والمثليين وثنائي الجنس والعمل معهم ومع المجتمع لمواجهة ومكافحة التحيز والتمييز الجنسي، المغايرين جنسياً هم أشخاص مؤهلين بحسب موقعهم للتحدث مع المغايرين جنسياً الآخرين عن طبيعة أفكارهم ومعتقداتهم المتحيزة والكارهة للمثليين والمثليات وثنائي الجنس، المغايرين جنسياً كحلفاء باستطاعتهم تشجيع سياسات عدم التحيز وعدم التمييز والتي تتضمن التحيز والتمييز ضد التوجه الجنسي للأفراد. عندما يشعر المثليين والمثليات وثنائي الجنس برغبة الكشف عن ميولهم الجنسية يتيحوا الفرصة أمام كثير من المغايرين جنسياً أن يتواصلوا معهم بصورة شخصية وباستطاعة الشخص المثلي المنفتح ذهنياً أن يكتسبهم كأصدقاء.
الدراسات المتعلقة بالتحيز والتمييز بخاصة التمييز ضد المثليين ، تظهر بصورة عامة أن التمييز يقل بشكل ملحوظ عندما يتم التعامل بشكل مباشر ما بين الأقلية والأغلبية. عندما نضع في الاعتبار هذا الأمر فإن من أقوى التأثيرات على تقبل المغايرين جنسيا للمثليين هو أن تكون هناك علاقة شخصية مباشرة بين المغايرين جنسيا والمثليين ، فإن الميول العدائية للمثليين هي أقل ذيوعاً بين أعضاء المجتمع الذي يكون به صديق مقرّب أو أحد أفراد العائلة مثلي أو مثلية ، بخاصة لو أن هذا المثلي قد أعلن ميوله بوضوح.
ترجمة:د.د.ط
.