أعطاني مرة رسالة و طلب مني ألا أفتحها ؛ أخذتها و سألته : متى أقرأها ؟ رد علي : عندما يحين وقتها ستعرفه بنفسك.
لم يأخذني الفضول و لو للحظة و خبأتها في خزانتي و لم نتكلم عنها بعده
ا إطلاقا.
بعد ستة أشهر ؛ كنت في الجامعة حينها ، رن هاتفي خرجت من الصالة و أجبت ، كان هو ، بالكاد يتكلم … بصوت خافت قال لي : “زكريا أريد أن أراك … للمرة الأخيرة في حياتي …” أحسست أن زلزالا عنيفا ضرب في قلبي، قلت له : " ما بك ؟… أين أنت ؟ " قال: " أنا في المستشفى المركزي بالعاصمة … أصبت في حادث مرور و لا أستطيـــ… ــــــــــ " و أنقطع الخط .
تركت كل شيء و أخذت طاكسي مباشرة إلى المستشفى و أنا غير مصدق لما يحدث… عندما وصلت رأيت أخاه الأكبر عند الباب و دموعه تسيل ببطء … فضاقت بي الدنيا و الدهشة على وجهي … تقدمت و رجلاي لا تكاد تحملاني … نظر إلي أخوه و قال: " لقد رحل … و كان أخر شيء يتمناه أن يراك معه للحظات " تحجر الكلام في حلقي و لم أستطع أن أتكلم … دخلت الغرفة … دخلت أمشي بهدوء و الدموع تغمر عيناي … رأيته ملقى على سرير أبيض … أحسست أن قلبي لم يعد له وجود … جلست عند رأسه و قبلته على جبينه … حينها سقطت دموعي على خديه … لم أتمالك نفسي و صرت أصرخ كالمجنون … حتى أغمي علي …
أيقظوني و يا ليتهم لم يفعلوا … صمت في المستشفى و بكاء هنا و هناك في الخارج … لم أستطع البقاء هناك لدقائق أخرى فذهبت إلى المنزل… تذكرت الرسالة التي أعطاني إياها و حقا عرفت أنه الوقت المناسب لأقرأها … كان مكتوب فيها :
" حبيبي آخر شيء أتمناه هو أن أفارق الحباة بين يديك ؛ لا أعلم إن كان سيحدث هذا لكن إعلم جيدا أنك في مخيلتي ما حييت و أتمنى أن ندفن في قبر واحد بعد موتنا ؛ وجودك معي هو من أعطاني الأمل في الحياة و كلماتك هي من أوصلني إلى السعادة ؛ و إبتسامتك دائما ما تعيد إلي الحياة … أعطيت لك هذه الرسالة لأني كنت أحس أني سأفارقك قبل أن تفارقني … لن نلتقي من جديد إلا في أحلامك … كنت دائم الخوف من فراقك لأن حياتي بعدك ليس لها معنى أرجوك عش سعيدا بدوني و لا تبكي فأحرق بدموعك و أنا في قبري …أحبك "
كم آلمتني هذه الكلمات … جفت دموعي … وضاقت بي الدنيا بما رحبت … منذ ذلك الحين غادرتني الإبتسامة … رحلت برحيل الحبيب الذي كانت حياتي معلقة به … حبيب مسح دموعي بأصابعه يوما من الأيام … إسمه ’ عبد الرؤوف ’ كان راقيا في تفكيره ، صادقا في أقواله ، رقيقا في لمساته ، كان مخلصا في حبه …
ما زلت أتذكر تلك الأيام الجميلة معه ، حينما كنا على شاطئ البحر معا و كتبنا ورقة فيها " أحبك زكريا … أحبك عبد الرؤوف" و وضعناها في قارورة و رميناها وسط الأمواج … حينما كنت نائما في منزلهم و إستيقظ باكرا و قبلني من خدي و غطاني و خرج … حينما كنت أداعبه بيدي يمسكها و يقبلها …
أبكي عندما أتذكر ما عشته معه … عشنا أياما لا أنساها ما حييت … رغم أننا مثليين إلا أننا لم نفعل الجنس يوما عدا بعض القبلات نعبر بها عن حبنا لبعضنا … عشنا حبا طاهرا نقيا …حبا صادقا … لكنه فارقني دون رجعة… لكن سأبقى أحبه طوال عمري …
Sam Soume
.