عطر وقبعة

أدب
شخصي

#1

أذهب الى نفس المكان يوما بعد يوم،ليست موسيقاي المفضلة،مجرد ازعاج،ولكني أحب عبق المكان،لم أملّه ابدا.
أخرج لأتأمل الطريق في حالة النشوة تلك بعد خروجي من المكان،ربما أعود للمنزل كل يوم بعد أن يغادر الجميع المكان.
أبحث عن هذا العطر كل يوم،هذا العطر الذي يجبرني على المجيئ يوميا بدون أن ألحظ عدم التجانس بين الألوان والأشخاص والموسيقى.
أحاول أن أرقص وحدي،اسير في المكان لأعلم من أجده القليل من السالسا أو التانجو.أبحث دائما ،أريد ان أدرك هذا الشخص صاحب هذه الأثير.
علاقتي غريبة بالعطور،أشم الناس دائما،دائما ماكان العطر أو العبق مصدرا لكل الإيحاءات والأفكار أيضا الألوان في خيالي،العطر هو مصدر خصوبة أي فكرة تنبت في نهاياتي العصبية وخلاياي الجذعية
أحيانا أشعر بإقتراب ضالتي ،لا يحدث ذلك الا بعد انسجامي التام في تعليم أحدهم رقصة ما،أو عندما أخبر ال DJ أن يضع أغنية معينة.
كل يوم أصاب بجنون وخيبة أمل عندما لا أجد هذا الشخص.
أنظر في أوجه من حولي،لا أجد شيئا مثيرا للإهتمام،تنتابني أحيانا خيالات عن صاحب\صاحبة هذا العطر.
المزيج جعلني لا أدرك الفرق بين العطر اذا كان نسائيا أم رجاليا.عطر عربي للغاية.
قررت أن أراقب كل الوجوه المألوفة في المكان،ان أحدد اتجاه حركة هذا العبق.قررت الا أذهب لهذا المكان لمدة أسبوع.
أنا اشعر أن صاحب \صاحبة هذا العطر يراقبني.
أذهب لأشم العطر أكثر قوة،نفاذ بشكل غير عادي،يختلط بدخان السجائر ولكنه يطغى عليها بقوة.بدأ يتضح الي هوية العطر أكثر.مسك ،ليمون،مرمرية و ياسمين هندي،هذا عطر نسائي بشكل طاغي،لم يتضح الي سوى المسك والمرمرية ،كانت عطورا أصول.
فضولي الآن يجبرني على أن أبحث أكثر،أشعرها قريبة.
يأتي النادل بمشروب ليخبرني بأن أحدهم يدعوني الى شراب.أسأله بالتبعية،يبتسم ثم يذهب.
ينتابني غيظ قاتل،من يتلاعب بي هكذا،يبدأ الشك في اجتياح أفكاري،برانويا لا تتوقف.لا أريد زرع المزيد من الخيالات عن هوية هذا الشخص الغامض الذي لم ألحظه بعد ولم أستطع مطابقته مع العطر ذاك.
أغضب كثيرا،أترك المشروب ،أذهب للخارج لأجري مكالمة تلفونية لأحد اصدقائي حتى لا أبقى في هذا المكان.
أجري المكالمة في غضب عارم،أتكلم بحدة…فجاة أجد قبعة على رأسي،ثم أحدهم يديرني نحوه…
فتاه ذات ملامح حادة،كحل داكن،بشرة خمرية داكنة نوعا ما ،شعر قصير جدا مُسرح للخلف،غجري مموج.أنظر اليها في تعجب وذهول تام.
تحمل شامة عند حاجبها الأيسر،تبتسم في شيئ من الخبث ثم الامتعاض.العطر يملؤني تماما الآن
“أنت صاحبة العطر” ،ترد"هل كنتي تبحثين عني ؟"
،"لم أجرأ على الحديث معك،كنت مشغولة غالبا،حاولت اليوم أن ألفت انتباهك بهذا المشروب،ولكنني أخبرت النادل ألا يخبرك من أنا،كنت انظر اليك دائما وأنا أقوم بمزج الموسيقى التي تحبينها،سعدت جدا عندما أتيتي لتخبريني بأن أضع تلك المسارات،ضحكت للغاية عندما حاولتي العبث بالجهاز،ثم احضرتي تلك الذاكرة الإلكترونية التي تحمل موسيقاك المفضلة،غالبا لا نفعل ذلك،أقصد ان نغير الموسيقى التي يتم عرضها يوميا،أو يوما بعد يوم
-"يصعب علي تمييز تلك الملامح،لم ألحظك تماما خلف تلك القبعة
اعذريني،أنت جميلة للغاية،أشعر بتوتر شديد…
“لماذا،أنا أعتذر اذا كنت قد فاجأتك،قد أتيت فقط لأبدي اعجابي بك،كنت أستمتع جدا عندما كنتي تقومين بتعليم الآخرين الرقص،استعجبت هذا كثيرا”
أبدأ في انتزاع القبعة لأتفقدها
-“أعتذر بشدة عن هذه الحركة الجريئة،لم أقصد مضايقتك،يمكنني أن أذهب …
“لا لا …لم أقصد شيئا،كنت أبحث عنك بالفعل،كنت قد فقدت الأمل”
تنظر الي في تعجب،أضع القبعة علي ،ثم اخلعها لأعيدها الى رأسها ثانية،أنساب بيدي على وجهها برفق،تلمع أعينها بشكل ثاقب.
أبتسم ،فأقترب أكثر،ألتقط خيطا متدليا من القبعة باسناني،ألقمه ثم أمسك القبعة وأشده…أشعرها ترجف .
. أمسك بيدها اليمنى،أدعوها معي للداخل،أجدها تقوم بشدي للخارج،أذهب معاها بدون أي أدنى معرفة الى أين هي ذاهبة
على بعد أمتار قليلة من المكان،نصعد سلما صناعيا مركب على واجهة المبني،تدخلني الى شقتها الصغيرة المألوفة ذات
الغرفة الواحدة،شيئ يشبه الأستوديو،تغلق الباب .تدفعني نحو الستارة،احاول الاقتراب لأستنشق عطرها أكثر
تمسك بيداي الإثنتين نحو الأعلى،أحاول المقاومة،أبدأ بالإقبال عليها،أحاول تقبيلها،تبتعد ثم تقترب وتقبلني من خلف أذني ،مرورا على رقبتي ثم تصعد بهدوء حاد الى شفتي،أقبلها بشوق،شوقي الى هذا العطر السحري الذي تضعه،أبدأ في المقاومة أتساب بيدي على ذراعيها،أصل الى بنطالها، أشدها نحوي في شيئ بين الشدة والرفق،أستمر في تقبيلها في غيبوبة بين الحياة والموت،لا أشعر سوى بلذة ما بين شفتها،أتذوق كلامها عندما أقبلها،تقول كلمة أو أكثر هامسة بين لحظة و وأخرى وانا أقبلها،أشعر أنني أعود بالزمن دهورا ،لا أستطيع التماسك حقا،اشعر بالغربة والابتعاد،ثم بالألفة ،أشعر أنني أغترب عن المكان،أشعر بنشوة رقصة تانجو في ليل صحراء،أشعر أني أمسك بقيثارة وهي تنساب نحوي كما لو كانت سائلا ،تعزف على جسدي ألحانها الخاصة،أشعر برقصة نصنعها معا،تنساب أيدينا في تناغم على أجساد بعضنا،كلانا يعزف موسيقاه الخاصة،كوردات متناسقة ،كلانا يدرك تماما أنها تجربة استثنائية ،تحدثنا بطرق حسية مختلفة،كل منا كان يعنيها جيدا.
لذة صحبت تلك اللحظات بين معزوفة وأخرى كان يقوم بعقدها معا عطرها،وتفاعل جسدها مع لذة هذا العطر المتمرد.
أستيقظ نهارا،أضع القبعة على قمة جبهتها خوفا من أن تستيقظ،مع رغبتي الشديدة والملحة في ايقاظها.أجلس متأملة ،عابثة الخاطر،لا أستطيع الادراك لجم التفاصيل ،فكل ما حدث البارحة أستطيع اختزاله في عنوان"عطر وقبعة”.


#2

اهلا بك palkokapo مجددا على اهواء،

استمتعت بقراءة عطر وقبعة تماماً، ونتمنى قراءة المزيد منك قريبا.


#3

قطعة قوية تنساب فتفوح برائحة العطر فتصل الى اعماق حواسي،،استمتعت لقرائتها


#4

رائعه فوق الوصف ! استمعت بقرائتها جدا
و اتفق مع Proud ان رائحه العطر تفوح و تكاد تصل لاعماق الحواس


#5

أريد ذلك العطر وتلك القبعة … رغم أني لست مثلية … ولا حتى أنثى ههههه … لقد تحولت من مثلي إلى شخص غير مثلي ههههه … محبتي


#6

أشكرك Amadeus على القراءة،وأنا بالحق سعيدة أنها قد أعجبتك :slight_smile:


#7

أشعر بالإطراء للغاية ! :slight_smile: أشكرك شكرا جزيلا drfreedom


#8

أشعر بالسعادة الغامرة عندما ينتقل الشعور الذي أريد ايصاله من خلال شيء أكتبه…أسعدتي يومي :slight_smile:


#9

هذا ما أءمله في كل قطعة أقوم بكتابتها،أن تعجب المتميزين القادرين على الإبداع…أشكرك جدا


#10

الشكر موصول لكِ غاليتي … تحياتي


#11

طرحك ارتفع بنا الى سماء الرومانسية وجعلنى استنشق ذلك العطر الساحر الذى جعلنى اشعرانى اطير
فوق بستان من الروائح الجاذبة ولن اطير وحدى ولكن مع من احببت كى يشا ركنى سعادتى


#12

This user has deleted their account