نواجه في مصر حاليا حملة من الحكومة مُتمثلة في وزارة الداخلية والهيئة القضائية، تلك الحملة تستهدف انتهاك حقوق الانسان بأكبر قدر ممكن، حيث أصبح من غير الأمن الاحتكام الى القضاء والوثوق بنزاهة قراراته واحكامه، كما إن وزارة الداخلية تُمارس التعذيب والبلطجة على الشعب المصري في اقسامها ومديريات امنها، ولا تقوم بعملها بتوفير الأمن اللازم لحياة آدمية.
تستغل الحكومة المصرية الأقليات و الفئات المستضعفة في المجتمع كأسلوب إلهاء للشعب، بحيث تُثير المشاكل لها بشكل دوري ، مُصدّرة للشعب وهم انها تحمية من غزو اقلية فاسدة ، و ان قمعها له مبرر حتى و إن طال الأبرياء ، من ضمن الفئات التي طالها قمع الحكومة المصرية، مثليّ الجنس و متحولي الجنس ، حسب تقرير الجارديان ، منذ شهر أكتوبر عام 2013 الى حين صدور التقرير ، تم تسجيل تسعة قضايا ، تم القبض فيهم على مثليّ و متحولي جنس بتهم ممارسة الفسق و الفجور و تجارة الجنس ، بعد التقرير تم تسجيل قضيتين آخرتين ، المفزع في هذه الحملة و ما يجعلها نذير سوء ، ان عدد سبعة قضايا على الأقل تم القبض فيها على المتهمين من داخل منازلهم الشخصية ، أي انهم لم يكونوا في مكان عام او ملهي، مما يؤكد هنا نية الحكومة المصرية في ترصد و تتبع مثليّ و متحولي الجنس.
” في قراءة لذلك الخبر التي نشرته احدى الجرائد المصرية ومفاده: “ أكدت إحصائية صادرة من الإدارة العامة لمباحث الآداب عن وجود 185 شاذاً جنسياً في مصر منذ عام 2000 وحتى العام الحالي. وكشفت الإحصائية، أن هذا العدد في تزايد وأنهم مسجلون في قضايا الشذوذ الجنسي التي قامت الإدارة بضبط عدد منها.”، نستطيع ان نفهم النظرة التي تتبعها الحكومة المصرية تجاه مثليّ ومتحولي الجنس”.
كل هذه القضايا تم تسجيلها كقضايا ممارسة فسق وفجور مقابل أجر وتجارة جنس، في البعض منها تم تلفيق تلك التهم، و البعض الاخر صحيح للأسف، فاضطهاد المجتمع للمثليّين بشكل عام ولمتحولي الجنس بشكل خاص (حيث إنهم أكثر الفئات المتضررة نتيجة اتضاح ميولهم للعلن) يجعل من الصعب بل من المستحيل لبعضهم إيجاد عمل قانوني، و يجعل مهنة تجارة الجنس هي المهنة الوحيدة المتاحة لبعض منهم لكسب المال والقدرة على العيش واجراء عمليات تحويل الجنس المكلفة .
و يشارك الاعلام المصري الحكومة المصرية في نشر سياسة اضطهاد المثليّين و متحولي الجنس، حيث تُبادر الجرائد المصرية بنشر اخبار القبض عليهم ، في صورة تجعل من المثليّين و متحولي الجنس عدو الدولة الثاني بعد الإرهاب المزعوم ، وتتعمد تشويههم ، بل و قد تخطت بعض الجرائد كجريدة اليوم السابع حدود المهنية و احترام خصوصية المتهمين بنشرها فيديو لمجموعة من متحولي الجنس تم القبض عليهم يوم 4 مايو 2014 ، حيث صورتهم الجريدة و هم شبه عرايا و بملابس النوم و يتم تعسيفهم من الشرطة ، و قامت بنشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي و موقع YouTube ، دون مراعاة لخصوصية المتهمين.
لسوء الحظ، تظل الجرائد المصرية المصدر الوحيد لأي معلومات عن قضايا اضطهاد المثليّين ومتحولي الجنس، حيث ان وزارة الداخلية غير متعاونة اطلاقا في ابداء أي معلومات عن القضايا –بالإضافة لقيامها بتلفيق بعض القضايا مما يفسر عدم تعاونها-، ويتعرض الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الانسان عامة وحقوق المثليّين ومتحولي الجنس خاصة الى المضايقات والتهديدات التي تصل أحيانا الى التهديد بالسجن، كما انه لا يوجد كيان منظم يستطيع ان يقدم الدعم المادي و المعنوي و يقوم بتتبع تلك القضايا ،وما يتم طرحه من مبادرات لمساعدة المثليّين و متحولي الجنس و مقاومة رِهاب المثليّة الجنسية، ما هو الا محاولات فرديه من بعض الناشطين.
فيما يلي عرض لبعض القضايا التي تحدثت عنها بعض الجرائد المصرية، وكان المتهمين فيها من مثليّ او متحولي الجنس – جدير بالذكر ان اغلب مصادر المعلومات تأتى من الجرائد، ومدى القدرة على تتبع كل قضية مُرتبط بمدى تغطية الجرائد لأخبار كل قضية -:
يوم 7 نوفمبر عام 2013، القت الادارة العامة لمباحث الآداب بالجيزة القبض على 10 اشخاص من مثليّ و متحولي الجنس داخل عقار بمنطقة كرداسة
19 فبراير 2014 ، تم القاء القبض على ثلاثة من متحولي الجنس بالغردقة ، و قضت محكمة البحر بعدها في ال 23 من فبراير بحبس الثلاثة سنة مع الشغل والنفاذ، بعد توجيه لهم تهمة ممارسة الرذيلة وانتمائهم لشبكة شذوذ جنسي، وتشبههم بالنساء بارتدائهم ملابس نسائية ، وفى ال 27 من فبراير ايدت محكمة جنح مستأنف الغردقة الحكم .
11 مارس 2014، قررت محكمة شمال الجيزة حبس جميع المتهمين في شبكة الدعارة المضبوطة بالمهندسين الحبس سنة ، من بين المتهمين اثنين من متحولي الجنس.
3 أبريل 2014 ، القت قوات الامن القبض على أربعة من متحولي الجنس داخل شقة بمدينة نصر ، ذاع صيت تلك القضية ، حيث تم اصدار احكام بالسجن على المتهمين تراوحت من 3 الى 8 سنين ، جدير بالذكر ان تلك القضية خاصة تم متابعتها من قبل ناشطين في المجال الحقوقي ، حيث ان المتهمين لم يكونوا يعملوا بالدعارة مطلقا ، و تم القبض عليهم دون اذن نيابة و لُفقت لهم احراز ، بدايةً تعاون أهالي الضحايا في تلك القضية بشكل غير مسبق ، الى ان اُصدرت احكام السجن ضد ذويهم ، و نشرت صحيفة الجارديان تقرير عن اوضاع مثليّ و متحولي الجنس في مصر تضمن الإشارة الى تلك القضية ، فاثروا التكتم بعدها خوفاً من تفاقم الأمور خاصة بعد تلك الاحكام القاسية .
مرة اخري في الغردقة، في يوم 9 ابريل 2014، قررت محكمة جنح البحر الأحمر، بحبس أثنين من متحولي الجنس تم ضبطهما بأحد ملاهي الغردقة ، حيث قضت بحبس أحدهما 3 سنوات، وأمرت بإيداع الآخر دور رعاية الأحداث لصغر سنه.
خلال احتفالات عيد شم النسيم، يوم 22 ابريل 2014، تم القاء القبض على متحول جنسي بالإسماعيلية واتهامه بدعوة الرجال لممارسة الجنس معه مقابل اجر مادي .
مؤخرا في 4 مايو 2014 ، تم القاء القبض على أربعة من متحولي الجنس بشقة بمصر الجديدة ، الجديد في هذه القضية ، هو تصوير المتهمين و هم شبه عرايا داخل احدى ادارت الشرطة من قبل صحيفة اليوم السابع ، وتم نشر مقاطع مصورة لهم على موقع الجريدة و مواقع التواصل الاجتماعي دون مراعاة لأدنى قدر من الاخلاق المهنية ، مُنتهكة بذلك خصوصية المتهمين و تعمدت التشهير بهم .
أحدث القضايا كانت بتاريخ 13 مايو 2014، حيث تم القاء القبض على عدد غير معلوم من متحولي الجنس بأحدي الشقق السكنية بمدينة نصر.
مما سبق، نستطيع ان نرى بوضوح، انه من بداية عام 2014 تم اصدار احكام قضائية أكثر قسوة مما سبقها من احكام بشكل عام، حيث وصلت بعض الاحكام الى 8 سنوات، كم نلاحظ سرعة البت في القضايا في نظام قضائي بطيء بطبعه، تلك السرعة التي لا نشهدها في قضايا الفساد، ومن الواضح أيضا استهداف فئة متحولي الجنس خاصة خلال تلك القضايا وغيرها.
جدير بالذكر ان تلك هي القضايا المعروفة والتي تم الإشارة اليها في الجرائد المصرية، بالطبع يوجد قضايا أخرى لا ندرى عنها شيئا في ظل غياب كيان حقيقي يدعم مثليّ ومتحول الجنس، وفي ظل غياب الشفافية ايضاً من قبل الحكومة المصرية.