من خلال قرائتي وفهمي لدراسة مسحية وتحليلية للدكتور وحيد الفرشيشي في القانون والمثلية الجنسية في تشريعاتنا العربية اود ان اوجز ما طرحه الدكتور في دراسته وفهمي لتلك النصوص والتشريعات التى وضُعت كتجريم وعقاب للفعل المثلي واسبابها وسندها ،
في البدء،،خلو نصوص القانون والتشريعات العربية من كلمة مثلي والمثلية الجنسية وذلك لان هذه العبارات حديثة وتتسم بالموضوعية العلمية ولا تعتمد النصوص كذلك على لفظ توجه جنسي او اي مصطلح حديث متعارف عليه كمغاير الجنس ازدواجية الميول الجنسية او احرار الجنس ،،،الخ
بل نجد الفاظ وعبارات للدلالة على الشذوذ وكل ما هو منحرف (كشاذ ومنحرف وخنيث ولوطي وفعل مخالف للطبيعة) هذا التشديد على استعمال مثل هذه الالفاظ والعبارات بقصد مباشر في جعل العقاب مساوي للفعل او (الجريمة) فقد اراد المشرع ان يُعطي القوة الحسية في العقاب ليس من خلال النص القانوني فقط بل ايضا بقصده في استعماله تلك الالفاظ ليعطي الاثر النفسي المصاحب لعقوبة الفعل (الشنيع) الا وهو الفعل المثلي.
بالنسبة للقوانين التي تجرم المثلية فهناك بلدان قوانينها تُجرمها بنص صريح ومباشر كما في (لبنان وتونس والجزائر والمغرب) وهناك بلدان عربية تطوع قوانينها وتشريعاتها لتجريم الفعل المثلي وتعاقب مرتكبيه (مصر-الاردن-السودان-فلسطين-العراق- السعودية- اليمن- ليبيا –مورتانيا)
مثال ذلك: لبنان تنصّ المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني على أنّ “كلّ مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى سنة واحدة ” فالنص القانوني صريح ومباشر في نوع الجريمة (المخالفة للطبيعة) أي الفعل المثلي ونوع العقاب الحبس حتى سنة والقاضي هو الذي يحدد المدة على الا تزيد عن سنة.
اما النوع الثاني من النصوص وهو اشد خطورة لأنه لا يرتكز على نص صريح بل يجعل من قوانين وعقوبات في مجال الاخلاق والآداب الاجتماعية العامة هي اساس التُهم للفعل المِثلي.
مثال ذلك: في مصر السند القانوني لملاحقة المثليين والايقاع بهم والقبض عليهم هو” دعوى الفجور” وهو القانون الذي اقر بمحاربة الدعارة ،مثل هذه النصوص الغير صريحة تفتح الطريق امام السلطة القانونية للشك في الفعل المثلي وليس فقط في حالة تلبٌس المتهم في الفعل. وبذلك تكون الخطورة اكبر في انتهاك الحريات الشخصية والانسانية لان الشك يضع المتهم امام التحري والايقاف والفحص الطبي والتعدي على حرمة المسكن فقط بداعي الشك لا التُهمة بالفعل .
ومن ضمن الالفاظ والاتهامات التى تجعل المثليين عرضة للملاحقة القانونية بدون نص صريح ومباشر (اعتياد الفجور والتواجد بالطريق العام وتحريض المَارة على الفِسق بإشارات واقوال والافعال الفاضحة علناً والتشبه بالنساء).
اما البلدان مثل السودان واليمن وموريتانيا يتم تطبيق الشريعة الاسلامية (اي الحدود) في تجريم المثلية ومساواة حد الزنا بالمثلية في العقوبة.
الشارقة –البحرين-قطر-عمان متأثرة بالقوانين البريطانية فتقوم بنفي المثليين المهاجرين من العمالة الاجنبية او السجن لعشر سنوات كعقاب للمثلية الجنسية.
السعودية،،الاعدام.
“اغلب القضايا التي عُرضت على المحاكم والتي يكون فيها أساس الاتهام علاقة مثلية او حتى تصرف مثلي او شخص ذا ميول مثلية لم يعشها بعد تقوم بربط الفعل المثلي بتصرفات وسلوكيات اخرى تفقده الفعل الخصوصي (الحميمي)ليصبح فعلاً فاضحاً- مرتذلاً- شاذاً غير اخلاقي وخطير على المجتمع والافراد لان المثلي يمكن ( ان يغتصب ويعتدي ويتحرش بالأطفال-يبتز الاشخاص- يقلب قواعد الطبيعة- يزعزع استقرار المجتمع ومن المحتمل ان يتسبب المثليون في امراض تشكل خطورة على حياة الاصحاء)
كل هذه العبارات وردت في الاحكام الصادرة عن مختلف المحاكم العربية بشأن قَضايا حُكم فيها على تصرفات مثلية ورد بعضها في محاضر بحث وتصريحات”
ناهيك عن العبارات المسترسلة اعلاه ألاحظ ان القاضي قد خلط بين جريمة التعدي على طفل وبين كون المتهم مثلي الجنس ،،وذلك لانه في ثقافتنا العربية مثلي الجنس بأمكانه ارتكاب ابشع الجرائم طبعاً،،فقط لانه مثلي، ولكن مايفاجئني هو كون قاضي او رئيس النيابة يفكر مثل أجهل أٌمي في الشارع دون الرجوع الى تقارير طبية وعلمية من جمعيات حقوق الانسان في هذا الشأن.
اذاً فالقانون يضع الجريمة والعقاب للمثلية ليس من مبدأ الضرر الذي الحقه المثلي لمثلي أخر او حتى سلوكه المشتبه به كمثلي اوقع ضرر على أحد فالقانون هنا جَرمّ الفعلي المثلي من خلال النبذ الاجتماعي للمثليين والاحظ هنا الدور الذي يقوم بيه القانون من استعماله للألفاظ والعبارات المشينة التى تحط من قيمة الانسان المثلي الى تقييد الحرية الشخصية لانه اي ضرر الحقه المثلي لممارسة ميوله مع شريكه للمجتمع ؟ اي جريمة اقترفت؟ ولو سنحلل ” مخالف للطبيعة” على اي سند سنقيس الطبيعي على المستوى البيولوجي او الفسيولوجي او النفسي؟
القانون الحديث يتطور لمتطلبات الدولة والمجتمع ووضٌع لحماية حقوق الافراد من ضرر الغير واليوم القانون يَفصل بين سلطة الدولة والحرية الشخصية تبعاً للاتفاقية الدولية لحقوق الانسان،،لكن قوانيننا العربية ماتزال خارج اطار الحداثة والزمن في احترام الحريات الشخصية وعدم التمييز العنصري بين المواطنين في المجتمع المدني.