سمعت صوت يقول تعالى يابن العبيطة…إنت رايح فين…ماما إيه وبابا مين…إنسى خالص بابا…وسلملى على ماما ،إنت ياجورج يابن أم جورج ألآن تعيش مع من فازوا بالنعيم وتركوا الغث واللئيم،ودخلوا كهف ألأسرار ليهنءا بعد طول عذاب فيما كانت نسبة لنا الدنيا إهئ…إهئ إهئ كمان مرة علشان تتأكد أنى لامؤاخذة وأنا أعرف أن هذه الكلمة كانت كلمة متداولة فى قاموس الحياة التى تركناها غير آسفين،ولا حتى نادمين،إنما الذى ندمنا عليه حقآ هو أننا لم ننعم بالموت من زمان…بل جاء متأخرآ بعد أن أكلت الهموم أجسادنا،والبلاوى حياتنا ،فكنا كالجحش ألأعجف الذى لايجد تبن أو حتى عود برسيم ليأكله ويمارس حياته الطبيعية ،أو يجد فى نفسه الرمق ليغازل الحمارة بنت الحمار الذى رباه وأقسم براس أبوه ألا يزوج بنته الحمارة إلا لهذا الجحش الحصاوى كى يموت وهو مرتاح قرير العين.
ووجدت بحسى البليد أن من يتكلم هو فعلآ نورهان بلسانه الزفر الذى كان يلسعنى بطرف لسانة ويحيى أمى وأبويا لكن بطريقته الخاصة،وأظن أنه كان يحتفظ بقاموس الشتائم يذاكر بالليل ويأتى بالنهار يسمع على العبد لله؟؟
لأ فعلآ هوه والله هوه…فتشجعت وقلت له:
إنت ياد إنت بتضحك على صاحبك وعلى الناس كلها وبتقول انك قد مت وانت زى البغل قاعد تضرب بلسانك كأنك لامت ولا دياولو؟؟
وهنا لمحت بصيص من نور يبدو أنه شعاع ليزر خبط على الحائط…فقلت فى سرى اللهم اجعله خير…هوه الليزر وصل للأموات كمان؟
هذا كان فى سرى…وبعد أقل من ثانية وجدت نورهان قد صوب الشعاع نحوى ليقول…إنت من جواك قلق وأسئلة عاوز تقولها بس مكسوف؟؟صح
أنا عارف انك بتتكلم مع نفسك وبتقول الواد ده مات طيب إيه اللى خلاه بيتكلم…وبيلسعنى بلسانه…وبيشاورلى بصوابعه…تقولش آخد فرقة فى رابعة العدوية وبيتمنظر عليه ؟؟
يقول الميت بكل تناكة وعظمة:
أنا علشان خاطرك لأنك صاحبى هاقولك أنا حصللى إيه من ساعة مالصبح بيصحونى ملقوش فيه نفس…!
أقول بتساؤل التلميذ البليد:
يعنى انت كنت دارى وهمه بيصوتوا عليك؟؟
طبعآ…إنت مفكر الموت بيسلب البنى آدم إحساسه وشعورة وعواطفه وانفعالاته؟؟
ياحبيبى الموت ماهو إلا توقف للتيار الكهربى الذى يغذى الجسم والقلب بالذات،فلايعمل وبالتالى نتحول من بنى آدمين إلى بنى ميتين…مثل ماتقولوا علينا أننا ألأموات…ياراجل ده أنا ماسمعتش حتى واحدة ولا واحد بينادينى باسمى بل يصر أن يقول هاتوا الميت …شيلو الميت…أوعى الميت يقع منك وانت بتنقله…إيه ده؟؟مش ده الميت الذى كنتم تتقربون إليه وتبوسوا رجليه قبل إيديه وتقولوله والنبى يانورهان بيه…وساعات ياسعادة الباشا سلفنا خمسة جنيه؟؟
فاكر ياد لما استلفت منى عشرة جنية علشان تروح ميدان الجيزة وتشترى من الخواجة "لآمبو"قزازة منقوع براطيش وقعدنا نكركع طول الليل حتى الصبح وفى ألآخر تقولى:
ياسلام عليك ياجورج…ده احنا النهاردة أول رمضان وفيه عندنا صيام؟؟
ياجورج الموت أهون مما تتصورون،الموت ماهو إلا كهربا بتقطع زى عندكوا أيام المرحوم محمد العياط ماكان بيقطع الكهربا ويقولك أصل الواد بيدوله عشرين جنيه وبينام والمحطة تطفى…وكلام كدة مالو طعم ولا لون ولكن كانت ريحتة مش ولابد!
يعنى انت عارف يانور أن كل ده كان بيحصل عندنا؟؟
يابن الذين ماتقولش عندنا ولا عندكم…إحنا كأموات عايشين وياكم لحظة بلحظة…وعارفين كل حاجة عنكم…إنت شفت الشعاع إللى ضرب فى حبابى عنيك من شوية وقعدت تقول ليزر لأ مش ليزر…وكان ناقص تقول لأ ده شعاع بتنجان!
أحب أقولك أن بنى موت بيصرفوا فلوس كتير وبسخاء على البحث العلمى للموتى من بنى ألإنسان الذين نفذوا بجلدهم وهم ألآن رقود فى أمان!!
أقول بصوت خفيض :
يعنى عاوز تقول يانورهان أن الفلوس التى تنفق على البحث العلمى بتجيب فايدة وأنها استثمار فى محله وحتى وإن كان على المدى الطويل ولا تظهر نتائجه إلا بعد عشر أو عشرين سنة؟؟
آآآآه يابنى جاموس ياللى بتصرفوا على البحث العلمى 0.2%من الناتج القومى…ربنا يوقف نموكوا وتشرفوا عندنا كلكوا وتتعلموا كيفية ألإدارة بالأهداف وتحقيق المهم فالأهم يابجر وياجاموس أبيض!!
أقف أمام السريروملاءته المبهرة و لونها جميل والظاهر أن بداخلها الواد نورهان…فحاولت أن أمس اللحاف فاصابتنى رعشة كأنى مسكت سلك التروللى باص بتاع زمان…وسمعت صوته يقول …ياغبى فأدركت أن الكلام موجه للعبد لله…فالصراحة لايوجد أغبى منى…وعلامة ذلك أنى أذهب للأمام الشافعى بالليل لأكلم صديقى الذى مات؟
قلت له وهل حقق ألإنفاق السخى لديكم على البحث العلمى بنتائج وماهى تلك النتائج؟؟
لم أسمع إجابة والظاهر أنه مات منى للمرة الثانية فلا حس ولا خبر…وقد أفاجأ بأورطة ميتين بعصيهم الغليظة قد جاؤا ليحققوا معى وكيف أن الواد فيص منى…وما حدث بعد ذلك ساقوله لك حين ألتقى وحضرتك والواد كمبورة إللى عامل واد حى ومفتح…ياعم رووووح ده ألأموات طلعت أجدع منك ومن حكومتك التى تنفق 2.%على البحث العلمى جتكم البلاوى ناس ولاد…!!